الصحوة – أسماء الغبر المخينية
في زمننا الحاضر يرى بعض الناس أن كبير السن هو من بلغ الستين عاما وما فوق وأكثر الاعتقادات هو من أصبح له أحفادا، وفي رأيي أقول أن من بلغ الستين عام وكان له القدرة على آداء أنشطته اليومية ويستطيع أن يخدم نفسه ويملك ذاكراته وترجع إليه شؤون الأمور ويؤخذ برايه ويشعر بقيمته الذاتية ويجد في نفسه حب الحياة والاستمتاع بها والنظرة السلميّة السلمية والصحية الصحيحة لمراحل العمر فلا يكون كبير سن وإنما يطلق مسمى كبير السن على عمر عانق الستين أو السبعين فأكثر وظهرت عليه بعض أو كلَ علامات الشيخوخة كأن داهمته الأمراض المزمنة وكثرت عليه أعاصير الحياة فوهنت عظامه وتزاحم شيبه وباتت مشاعر الوحدة ترافقه ورسم الزمن أثاره على لمسة يده فأبْرَزَ الخطوط وجعّد الجلد وازّْرقت العينان أو أحدهما ، وكان النكوص في الاعتماد على الغير حاضرا وأفتقاد الأصدقاء في تنازل ، وبدات الكهولة تطرق باب الذاكرة وأخذت تحذف بعض الأسماء من قائمة الأبناء او الأصحاب فابدلت أسماء الأحياء بالأموات ؛ هنا نستطيع أن نقول كبير سن اشتعل رأسه وبلغ من العمر عتيا وفي الأخير تبقى هي أراء ومعتقدات .
الأول من أكتوبر اليوم العالمي للمسنين والذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1991 لتعزيز وتنمية المجتمعات لمختلف الأعمار في مواجهة تحديات الشيخوخة حتى بات هذا اليوم بهجة الاحتفال بأولئك الذين صبروا وضحوا وقدموا الكثير ، اولئك الذين عطوا دون أن ياخذوا واخفوا آهات التعب وونات الآسى دون أن يظهروا شيئا ، الأول من أكتوبر يوما تستحقه أرواحهم اعترافا وإجلالا لفناءهم وتشميخا لعطاءهم ألا منتهي ، فهم انشراح مشرق في الصباح وسكون روحاني في المساء هم شموع البيوت وسراجها المنير وركائزها فأصواتهم تأتي بالراحة النفسية ووجودهم بركة ما بعدها بركة ، هم الأعمدة التي تقوم عليها أسسس الأُسر واستمرراها لكونهم مدرسة أخذت من دروس الحياة الكثير .
وإني لاصفق إعجابا واحتراما لكل من يقوم بخدمة المسنين وتقديم كل ما يحتاجونه حيث أن أعظم ما يحتاجه قليل الحيلة سعة الصدر وتفهم الوضع الذي يؤول إليه من لا يملك لنفسه شيئا وكان حقا علينا أن نخبر أبناءنا عنهم وعن معنى احترامهم وتوقيرهم وطاعاتهم وتفهم وضعهم العمري والأوضاع النفسية التي قد يمرون بها وأن ما نقوم به من رعاية واهتمام وأعمال بارة وأفعال مأجورة ما هو إلا حقوق أمرنا الله بها ودين وجب علينا أن نقضيه .
نعم هم قناديل البيوت محتاجون لنا ونحن بأمس الحاجة إلى بركات دعواتهم وهم العمل الخيّر الذي نرجو الله أن يكتبنا فيه من البارين الصالحين . يا كريم العطايا يا الله أرحمهم برحمتك الواسعة وألطف بحالهم بلطفك الخفي وانظر إليهم بعينك التي لا تنام في الدنيا والآخرة .